• الموقع : مركز اهل البيت في لندن - سري .
        • القسم الرئيسي : بحوث علمية .
              • القسم الفرعي : البحوث العقائدية .
                    • الموضوع : موقفُ الإسلام من العُنْف في الروایات .

موقفُ الإسلام من العُنْف في الروایات

السنّة النبويّة الشریفة: تأمر بالرّفق وتحرّم العُنْف بأنواعه
عندما نسبر غور تراثنا الحديثيّ بإعتباره  ثاني مصادر التشريع الإسلاميّ نجده حافلاً  بالنصوص الشريفة الحاثّة   على  الرّفق والعفو والصفح واللّين، كما نجد فيه نهياً  أكيداً عن العُنْف والخُرق والشدّة، فهاهي مجاميعنا الرّوائيّة زاخرة  بأحاديث شريفة تأسس لمجتمع مدنيّ سلميّ آمن، وفي هذا المجال عشرات الأحاديث الموزّعة على أبواب الفقه خصوصاً باب العِشْرَة والآداب والسّنن، ولنقف على طائفة من تلك الأحاديث الشريفة. 

الحديثُ الأوّلُ: الرِّفْقُ يُمْـنٌ
رَوَى المُحَدِّثُ الشَيْخُ الكلينيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى،عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى،عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: الرِّفْقُ يُمْنٌ وَ الْخُرْقُ شُؤْمٌ.

الحديثُ الثاني: الرّفقُ بالصَاحِبِ 
ورَوَى-أيضاً- المُحَدِّثُ الشَيْخُ الكلينيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: مَا اصْطَحَبَ اثْنَانِ إِلَّا كَانَ أَعْظَمُهُمَا أَجْراً وَ أَحَبُّهُمَا إِلَى اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) أَرْفَقَهُمَا بِصَاحِبِهِ.

الحديثُ الثالثُ: الرّفقُ بالدَّوَابّ
ورَوَى - أيضاً- بالإسناد المتقدّم المُحَدِّثُ الشَيْخُ الكلينيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَ يُعِينُ عَلَيْهِ فَإِذَا رَكِبْتُمُ الدَّوَابَّ الْعُجْفَ فَأَنْزِلُوهَا مَنَازِلَهَا فَإِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ مُجْدِبَةً فَانْجُوا عَنْهَا وَ إِنْ كَانَتْ مُخْصِبَةً فَأَنْزِلُوهَا مَنَازِلَهَا.
وَأخْرَجَ أبو داود عَن مُوسَى بْن إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ فَأَعْطُوا الْإِبِلَ حَقَّهَا وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْجَدْبِ فَأَسْرِعُوا السَّيْرَ فَإِذَا أَرَدْتُمْ التَّعْرِيسَ فَتَنَكَّبُوا عَنْ الطَّرِيقِ.

الحديثُ الرّابعُ: الرّفقُ معَ المُسيءِ
 ورَوَى –أيضاً- المُحَدِّثُ الشَيْخُ الكلينيُّ، عَن عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ،عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعلیه السلام قَالَ دَخَلَ يَهُودِيٌّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَ عَائِشَةُ عِنْدَهُ فَقَالَ :السَّامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: عَلَيْكُمْ، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ فَقَالَ: مِثْلَ ذَلِكَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ كَمَا رَدَّ عَلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ،  فَقَالَ: مِثْلَ ذَلِكَ،  فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ  كَمَا رَدَّ عَلَى صَاحِبَيْهِ،  فَغَضِبَتْ عَائِشَةُ فَقَالَتْ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَ الْغَضَبُ وَ اللَّعْنَةُ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ يَا إِخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَ الْخَنَازِيرِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ: يَا عَائِشَةُ إِنَّ الْفُحْشَ لَوْ كَانَ مُمَثَّلًا لَكَانَ مِثَالَ سَوْءٍ، إِنَّ الرِّفْقَ لَمْ يُوضَعْ عَلَى شَيْ‏ءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ وَ لَمْ يُرْفَعْ عَنْهُ قَطُّ إِلَّا شَانَهُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ مَا سَمِعْتَ إِلَى قَوْلِهِمْ: السَّامُ عَلَيْكُمْ؟ فَقَالَ: بَلَى أَ مَا سَمِعْتِ مَا رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ  قُلْتُ: عَلَيْكُمْ، فَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ مُسْلِمٌ فَقُولُوا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، وَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ كَافِرٌ فَقُولُوا: عَلَيْكَ.

الحديثُ الخامسُ: الرِّفْقُ أحْسَنَ مَخوقات ِاللهِ تَعَالى
رَوَى المُحَدِّثُ الشَيْخُ الكلينيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ،عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى،عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ،عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعلیه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لَوْ كَانَ الرِّفْقُ خَلْقاً يُرَى مَا كَانَ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ شَيْ‏ءٌ أَحْسَنَ مِنْهُ.

الحديثُ السادسُ: فِي الرِّفْقِ الزِّيَادَةُ وَ الْبَرَكَةُ
رَوَى المُحَدِّثُ الشَيْخُ الكلينيُّ، عَن عَلِيٍّ ،عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَة، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ، رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ قَالَ :إِنَّ فِي الرِّفْقِ الزِّيَادَةَ وَ الْبَرَكَةَ وَ مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرَمِ الْخَيْرَ.

الحديثُ السابعُ: قائدُ الجُنْدِ يَجِبُ أنْ لَا يُثِيرُهُ العُنْفُ
رَوَى السّيَدُ الرَضيُّ بِإِسْنَادِهِ عْن الإمام ِأمير المؤمنين عليٍّ علیه السلام ـ في العهدِ الذي كتبه للأشترِ النخعيّ ُ لمّا ولاّه على مِصر-:  وَلِّ أَمْرَ جُنُودِكَ أَفْضَلَهُمْ فِي نَفْسِكَ حِلْماً وَ أَجْمَعَهُمْ لِلْعِلْمِ وَ حُسْنِ السِّيَاسَةِ وَ صَالِحِ الْأَخْلَاقِ مِمَّنْ يُبْطِئُ عَنِ الْغَضَبِ وَ يُسْرِعُ إِلَى الْعُذْرِ وَ يُرَاقِبُ الضَّعِيفَ وَ لَا يُلِحُّ عَلَى الْقَوِيِّ مِمَّنْ لَا يُثِيرُهُ العُنْفُ وَ لَا يَقْعُدُ بِهِ الضَّعْفُ وَ الْصَقْ بِأَهْلِ الْعِفَّةِ وَ الدِّينِ وَ السَّوَابِقِ الْحَسَنَة ، الحديث.

الحديثُ الثامنُ: رفْقُ الوَالي  بِالرَّعِيَّةِ
‏ رَوَى الشَّهِيدُ الثَّانِي الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ بِإِسْنَادِهِ ،عَنِ الشَّيْخِ الطُّوسِيِّ ، عَنِ الْمُفِيدِ ،عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ،عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى ،عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْأَشْعَرِيِّ ،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيِّ  قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام فَإِذَا بِمَوْلى لِعَبْدِ اللَّهِ النَّجَاشِيِّ قَدْ وَرَدَ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ وَ أَوْصَلَ إِلَيْهِ كِتَابَهُ فَفَضَّهُ وَ قَرَأَهُ وَ إِذَا أَوَّلُ سَطْرٍ فِيهِ:
 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِلَى أَنْ قَالَ: إِنِّي بُلِيتُ بِوِلَايَةِ الْأَهْوَازِ فَإِنْ رَأَى سَيِّدِي وَمَوْلَايَ أَنْ يَحُدَّ لِيَ حَدّاً أَوْ يُمَثِّلَ لِي مِثَالًا لِأَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى مَا يُقَرِّبُنِي إِلَى اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) وَ إِلَى رَسُولِهِ وَ يُلَخِّصَ لِي فِي كِتَابِهِ مَا يَرَى لِيَ الْعَمَلَ بِهِ وَ فِيمَا أَبْتَذِلُهُ وَ أَيْنَ أَضَعُ زَكَاتِي وَ فِيمَنْ أَصْرِفُهَا وَ بِمَنْ آنَسُ وَ إِلَى مَنْ أَسْتَرِيحُ وَبِمَنْ أَثِقُ وَ آمَنُ وَ أَلْجَأُ إِلَيْهِ فِي سِرِّي فَعَسَى أَنْ يُخَلِّصَنِي اللَّهُ بِهِدَايَتِكَ فَإِنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَ أَمِينُهُ فِي بِلَادِهِ لَا زَالَتْ نِعْمَتُهُ عَلَيْكَ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ: فَأَجَابَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام:
 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 
حَاطَكَ اللَّهُ بِصُنْعِهِ، وَ لَطَفَ بِكَ بِمَنِّهِ وَ كَلَأَكَ بِرِعَايَتِهِ، فَإِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ جَاءَنِي رَسُولُكَ بِكِتَابِكَ ،فَقَرَأْتُهُ وَ فَهِمْتُ جَمِيعَ مَا ذَكَرْتَ وَسَأَلْتَ عَنْهُ، وَ زَعَمْتَ أَنَّكَ بُلِيتَ بِوِلَايَةِ الْأَهْوَازِ، فَسَرَّنِي ذَلِكَ وَ سَاءَنِي، وَسَأُخْبِرُكَ بِمَا سَاءَنِي مِنْ ذَلِكَ وَ مَا سَرَّنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَأَمَّا سُرُورِي بِوِلَايَتِكَ فَقُلْتُ :عَسَى أَنْ يُغِيثَ اللَّهُ بِكَ مَلْهُوفاً خَائِفاً مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ^، وَ يُعِزَّ بِكَ ذَلِيلَهُمْ، وَ يَكْسُوَ بِكَ عَارِيَهُمْ، وَ يُقَوِّيَ بِكَ ضَعِيفَهُمْ، وَ يُطْفِئَ بِكَ نَارَ الْمُخَالِفِينَ عَنْهُمْ، وَ أَمَّا الَّذِي سَاءَنِي مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ أَدْنَى مَا أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ تَعْثُرَ بِوَلِيٍّ لَنَا، فَلَا تَشَمَّ حَظِيرَةَ الْقُدْسِ، فَإِنِّي مُلَخِّصٌ لَكَ جَمِيعَ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ، إِنْ أَنْتَ عَمِلْتَ بِهِ وَ لَمْ تُجَاوِزْهُ رَجَوْتُ أَنْ تَسْلَمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
 أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: مَنِ اسْتَشَارَهُ أَخُوهُ الْمُؤْمِنُ فَلَمْ يَمْحَضْهُ النَّصِيحَةَ سَلَبَهُ اللَّهُ لُبَّهُ، وَ اعْلَمْ أَنِّي سَأُشِيرُ عَلَيْكَ بِرَأْيٍ إِنْ أَنْتَ عَمِلْتَ بِهِ تَخَلَّصْتَ مِمَّا أَنْتَ مُتَخَوِّفُهُ، وَ اعْلَمْ أَنَّ خَلَاصَكَ مِمَّا بِكَ مِنْ حَقْنِ الدِّمَاءِ وَكَفِّ الْأَذَى عَنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ، وَ الرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ، وَ التَّأَنِّي وَ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ لِينٍ فِي غَيْرِ ضَعْفٍ، وَ شِدَّةٍ فِي غَيْرِ عُنْفٍ، وَ مُدَارَاةِ صَاحِبِكَ وَ مَنْ يَرِدُ عَلَيْكَ مِنْ رُسُلِهِ، وَ ارْتُقْ فَتْقَ رَعِيَّتِكَ بِأَنْ تُوقِفَهُمْ عَلَى مَا وَافَقَ الْحَقَّ وَ الْعَدْلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَ إِيَّاكَ وَ السُّعَاةَ وَ أَهْلَ النَّمَائِمِ فَلَا يَلْتَزِقَنَّ بِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَ لَا يَرَاكَ اللَّهُ يَوْماً وَ لَيْلَةً وَ أَنْتَ تَقْبَلُ مِنْهُمْ صَرْفاً وَ لَا عَدْلًا، فَيَسْخَطَ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَيَهْتِكَ سِتْرَكَ، وَ احْذَرْ مَكْرَ خُوزِ الْأَهْوَازِ، فَإِنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْإِيمَانَ لَا يَثْبُتُ فِي قَلْبِ يَهُودِيٍّ وَ لَا خُوزِيٍّ أَبَداً،  فَأَمَّا مَنْ تَأْنَسُ بِهِ وَ تَسْتَرِيحُ إِلَيْهِ وَ تُلْجِئُ أُمُورَكَ إِلَيْهِ فَذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُمْتَحَنُ الْمُسْتَبْصِرُ الْأَمِينُ الْمُوَافِقُ لَكَ عَلَى دِينِكَ، وَ مَيِّزْ عَوَامَّكَ وَ جَرِّبِ الْفَرِيقَيْنِ، فَإِنْ رَأَيْتَ هُنَاكَ رُشْداً فَشَأْنَكَ وَ إِيَّاهُ، وَ إِيَّاكَ أَنْ تُعْطِيَ دِرْهَماً أَوْ تَخْلَعَ ثَوْباً أَوْ تَحْمِلَ عَلَى دَابَّةٍ فِي غَيْرِ ذَاتِ اللَّهِ لِشَاعِرٍ أَوْ مُضْحِكٍ أَوْ مُمْتَزِحٍ إِلَّا أَعْطَيْتَ مِثْلَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ، وَ لْتَكُنْ جَوَائِزُكَ وَ عَطَايَاكَ وَ خِلَعُكَ لِلْقُوَّادِ وَ الرُّسُلِ وَ الْأَجْنَادِ وَ أَصْحَابِ الرَّسَائِلِ وَ أَصْحَابِ الشُّرَطِ وَ الْأَخْمَاسِ وَ مَا أَرَدْتَ أَنْ تَصْرِفَهُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ وَ النَّجَاحِ وَ الْفُتُوَّةِ وَ الصَّدَقَةِ وَ الْحَجِّ وَالْمَشْرَبِ وَ الْكِسْوَةِ الَّتِي تُصَلِّي فِيهَا وَ تَصِلُ بِهَا وَ الْهَدِيَّةِ الَّتِي تُهْدِيهَا إِلَى اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ ) وَ إِلَى رَسُولِهِ.

الحديثُ التاسعُ: قُفْلُ الْإِيمَانِ الرِّفْقُ
رَوَى المُحَدِّثُ الشَيْخُ الكلينيُّ ،عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا ،عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ،عَنْ أَبِيهِ ،عَمَّنْ ذَكَرَهُ ،عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعلیه السلام قَالَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ قُفْلاً وَ قُفْلُ الْإِيمَانِ الرِّفْقُ.

الحديثُ العاشرُ: إذا زُوِيَ الرّفقُ زُوِيَ الخَيْرُ  
رَوَى المُحَدِّثُ الشَيْخُ الكلينيُّ، عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا زُوِيَ الرِّفْقُ عَنْ أَهْلِ بَيْتٍ إِلَّا زُوِيَ عَنْهُمُ الْخَيْرُ.


الحديثُ الحادي عشرَ: الرِّفْقُ نِصْفُ الْعَيْشِ  
رَوَى المُحَدِّثُ الشَيْخُ الكلينيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى علیه السلام قَالَ: الرِّفْقُ نِصْفُ الْعَيْشِ.

الحديثُ الثاني عشرَ: رفقُ العُلماءِ عندَ الوَعْظِ
رَوَى العلاّمةُ المجلسيُّ ،عَن مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ ،عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ،عَنِ الْخَشَّابِ ،عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ وَ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ فِيمَا يُعْلَمُ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِمَا قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَخْزُنَ عِلْمَهُ وَ لَا يُؤْخَذَ عَنْهُ فَذَاكَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ.
 وَ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ إِذَا وُعِظَ أَنِفَ وَ إِذَا وَعَظَ عَنَّفَ، فَذَاكَ فِي الدَّرْكِ الثَّانِي مِنَ النَّارِ.
 وَ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَرَى أَنْ يَضَعَ الْعِلْمَ عِنْدَ ذَوِي الثَّرْوَةِ وَ لَا يَرَى لَهُ فِي الْمَسَاكِينِ، فَذَاكَ فِي الدَّرْكِ الثَّالِثِ مِنَ النَّارِ.
 وَ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَذْهَبُ فِي عِلْمِهِ مَذْهَبَ الْجَبَابِرَةِ وَ السَّلَاطِينِ فَإِنْ رُدَّ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قُصِّرَ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْرِهِ غَضِبَ، فَذَاكَ فِي الدَّرْكِ الرَّابِعِ مِنَ النَّارِ.
 وَ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَطْلُبُ أَحَادِيثَ الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى لِيَغْزُرَ بِهِ عِلْمُهُ وَ يَكْثُرَ بِهِ حَدِيثُهُ، فَذَاكَ فِي الدَّرْكِ الْخَامِسِ مِنَ النَّارِ.
 وَ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ لِلْفُتْيَا وَ يَقُولُ سَلُونِي وَ لَعَلَّهُ لَا يُصِيبُ حَرْفاً وَاحِداً وَ اللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُتَكَلِّفِينَ، فَذَاكَ فِي الدَّرْكِ السَّادِسِ مِنَ النَّارِ.
 وَ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَتَّخِذُ عِلْمَهُ مُرُوءَةً وَ عَقْلًا،  فَذَاكَ فِي الدَّرْكِ السَّابِعِ مِنَ النَّار.

الحديثُ الثالثُ عشرَ: الرّفقُ صِفةُ المؤمنِ
رَوَى المُحَدِّثُ الشَيْخُ الكلينيُّ، عَنْ مُحَمَّد بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاهِرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى عَنْ قُثَمَ أَبِي قَتَادَةَ الْحَرَّانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَامَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: هَمَّامٌ وَ كَانَ عَابِداً نَاسِكاً مُجْتَهِداً إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام وَ هُوَ يَخْطُبُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صِفْ لَنَا صِفَةَ الْمُؤْمِنِ كَأَنَّنَا نَنْظُرُ إِلَيْهِ.
فَقَالَ: يَا هَمَّامُ ، الْمُؤْمِنُ هُوَ الْكَيِّسُ الْفَطِنُ بِشْرُهُ فِي وَجْهِهِ وَ حُزْنُهُ فِي قَلْبِهِ أَوْسَعُ شَيْ‏ءٍ صَدْراً وَ أَذَلُّ شَيْ‏ءٍ نَفْساً زَاجِرٌ عَنْ كُلِّ فَانٍ حَاضٌّ عَلَى كُلِّ حَسَنٍ لَا حَقُودٌ وَ لَا حَسُودٌ وَ لَا وَثَّابٌ وَ لَا سَبَّابٌ وَ لَا عَيَّابٌ وَ لَا مُغْتَابٌ يَكْرَهُ الرِّفْعَةَ وَ يَشْنَأُ السُّمْعَةَ طَوِيلُ الْغَمِّ بَعِيدُ الْهَمِّ كَثِيرُ الصَّمْتِ وَقُورٌ ذَكُورٌ صَبُورٌ شَكُورٌ مَغْمُومٌ بِفِكْرِهِ مَسْرُورٌ بِفَقْرِهِ سَهْلُ الْخَلِيقَةِ لَيِّنُ الْعَرِيكَةِ رَصِينُ الْوَفَاءِ قَلِيلُ الْأَذَى لَا مُتَأَفِّكٌ وَ لَا مُتَهَتِّكٌ إِنْ ضَحِكَ لَمْ يَخْرَقْ وَ إِنْ غَضِبَ لَمْ يَنْزَقْ ضِحْكُهُ تَبَسُّمٌ وَ اسْتِفْهَامُهُ تَعَلُّمٌ وَ مُرَاجَعَتُهُ تَفَهُّمٌ كَثِيرٌ عِلْمُهُ عَظِيمٌ حِلْمُهُ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ لَا يَبْخَلُ وَ لَا يَعْجَلُ وَ لَا يَضْجَرُ وَ لَا يَبْطَرُ وَ لَا يَحِيفُ فِي حُكْمِهِ وَ لَا يَجُورُ فِي عِلْمِهِ نَفْسُهُ أَصْلَبُ مِنَ الصَّلْدِ وَ مُكَادَحَتُهُ أَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ لَا جَشِعٌ وَ لَا هَلِعٌ وَ لَا عَنِفٌ وَ لَا صَلِفٌ وَ لَا مُتَكَلِّفٌ وَ لَا مُتَعَمِّقٌ جَمِيلُ الْمُنَازَعَةِ كَرِيمُ الْمُرَاجَعَةِ عَدْلٌ إِنْ غَضِبَ رَفِيقٌ إِنْ طَلَبَ لَا يَتَهَوَّرُ وَ لَا يَتَهَتَّكُ وَ لَا يَتَجَبَّرُ خَالِصُ الْوُدِّ وَثِيقُ الْعَهْدِ وَفِيُّ الْعَقْدِ شَفِيقٌ وَصُولٌ حَلِيمٌ خَمُولٌ قَلِيلُ الْفُضُولِ رَاضٍ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مُخَالِفٌ لِهَوَاهُ لَا يَغْلُظُ عَلَى مَنْ دُونَهُ وَ لَا يَخُوضُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ نَاصِرٌ لِلدِّينِ مُحَامٍ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ كَهْفٌ لِلْمُسْلِمِينَ لَا يَخْرِقُ الثَّنَاءُ سَمْعَهُ وَ لَا يَنْكِي الطَّمَعُ قَلْبَهُ وَ لَا يَصْرِفُ اللَّعِبُ حُكْمَهُ وَ لَا يُطْلِعُ الْجَاهِلَ عِلْمَهُ قَوَّالٌ عَمَّالٌ عَالِمٌ حَازِمٌ لَا بِفَحَّاشٍ وَ لَا بِطَيَّاشٍ وَصُولٌ فِي غَيْرِ عُنْفٍ بَذُولٌ فِي غَيْرِ سَرَفٍ لَا بِخَتَّالٍ وَ لَا بِغَدَّارٍ وَ لَا يَقْتَفِي أَثَراً وَ لَا يَحِيفُ بَشَراً رَفِيقٌ بِالْخَلْقِ سَاعٍ فِي الْأَرْضِ عَوْنٌ لِلضَّعِيفِ غَوْثٌ لِلْمَلْهُوفِ لَا يَهْتِكُ سِتْراً وَ لَا يَكْشِفُ سِرّاً كَثِيرُ الْبَلْوَى قَلِيلُ الشَّكْوَى إِنْ رَأَى خَيْراً ذَكَرَهُ وَ إِنْ عَايَنَ شَرّاً سَتَرَهُ يَسْتُرُ الْعَيْبَ وَ يَحْفَظُ الْغَيْبَ وَ يُقِيلُ الْعَثْرَةَ وَ يَغْفِرُ الزَّلَّةَ لَا يَطَّلِعُ عَلَى نُصْحٍ فَيَذَرَهُ وَ لَا يَدَعُ جِنْحَ حَيْفٍ فَيُصْلِحَهُ أَمِينٌ رَصِينٌ تَقِيٌّ نَقِيٌّ زَكِيٌّ رَضِيٌّ يَقْبَلُ الْعُذْرَ وَ يُجْمِلُ الذِّكْرَ وَ يُحْسِنُ بِالنَّاسِ الظَّنَّ وَ يَتَّهِمُ عَلَى الْعَيْبِ نَفْسَهُ يُحِبُّ فِي اللَّهِ بِفِقْهٍ وَ عِلْمٍ وَ يَقْطَعُ فِي اللَّهِ بِحَزْمٍ وَ عَزْمٍ لَا يَخْرَقُ بِهِ فَرَحٌ وَ لَا يَطِيشُ بِهِ مَرَحٌ مُذَكِّرٌ لِلْعَالِمِ مُعَلِّمٌ لِلْجَاهِلِ لَا يُتَوَقَّعُ لَهُ بَائِقَةٌ وَ لَا يُخَافُ لَهُ غَائِلَةٌ كُلُّ سَعْيٍ أَخْلَصُ عِنْدَهُ مِنْ سَعْيِهِ وَ كُلُّ نَفْسٍ أَصْلَحُ عِنْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ عَالِمٌ بِعَيْبِهِ شَاغِلٌ بِغَمِّهِ لَا يَثِقُ بِغَيْرِ رَبِّهِ غَرِيبٌ وَحِيدٌ جَرِيدٌ حَزِينٌ يُحِبُّ فِي اللَّهِ وَ يُجَاهِدُ فِي اللَّهِ لِيَتَّبِعَ رِضَاهُ وَ لَا يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ وَ لَا يُوَالِي فِي سَخَطِ رَبِّهِ مُجَالِسٌ لِأَهْلِ الْفَقْرِ مُصَادِقٌ لِأَهْلِ الصِّدْقِ مُؤَازِرٌ لِأَهْلِ الْحَقِّ عَوْنٌ لِلْقَرِيبِ أَبٌ لِلْيَتِيمِ بَعْلٌ لِلْأَرْمَلَةِ حَفِيٌّ بِأَهْلِ الْمَسْكَنَةِ مَرْجُوٌّ لِكُلِّ كَرِيهَةٍ مَأْمُولٌ لِكُلِّ شِدَّةٍ هَشَّاشٌ بَشَّاشٌ لَا بِعَبَّاسٍ وَ لَا بِجَسَّاسٍ صَلِيبٌ كَظَّامٌ بَسَّامٌ دَقِيقُ النَّظَرِ عَظِيمُ الْحَذَرِ لَا يَجْهَلُ وَ إِنْ جُهِلَ عَلَيْهِ يَحْلُمُ لَا يَبْخَلُ وَ إِنْ بُخِلَ عَلَيْهِ صَبَرَ عَقَلَ فَاسْتَحْيَا.

الحديثُ الرّابعُ عشر: رفقُ جُباةِ الزَكاةِ
رَوَى المُحَدِّثُ الشَيْخُ الكلينيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام يَقُولُ بَعَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام مُصَدِّقاً مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى بَادِيَتِهَا فَقَالَ لَهُ : انْطَلِقْ يَا عَبْدَ اللَّهِ وَ عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ لَا تُؤْثِرَنَّ دُنْيَاكَ عَلَى آخِرَتِكَ وَ كُنْ حَافِظاً لِمَا ائْتَمَنْتُكَ عَلَيْهِ رَاعِياً لِحَقِّ اللَّهِ فِيهِ حَتَّى تَأْتِيَ نَادِيَ بَنِي فُلَانٍ فَإِذَا قَدِمْتَ فَانْزِلْ بِمَائِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُخَالِطَ أَبْيَاتَهُمْ ثُمَّ امْضِ إِلَيْهِمْ بِسَكِينَةٍ وَ وَقَارٍ حَتَّى تَقُومَ بَيْنَهُمْ فَتُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قُلْ لَهُمْ : يَا عِبَادَ اللَّهِ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ وَلِيُّ اللَّهِ لآِخُذَ مِنْكُمْ حَقَّ اللَّهِ فِي أَمْوَالِكُمْ فَهَلْ لِلَّهِ فِي أَمْوَالِكُمْ حَقٌّ فَتُؤَدُّوهُ إِلَى وَلِيِّهِ فَإِنْ قَالَ لَكَ قَائِلٌ : لَا فَلَا تُرَاجِعْهُ فَإِنْ أَنْعَمَ لَكَ مُنْعِمٌ مِنْهُمْ فَانْطَلِقْ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُخِيفَهُ أَوْ تَعِدَهُ إِلَّا خَيْراً فَإِذَا أَتَيْتَ مَالَهُ فَلَا تَدْخُلْهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنَّ أَكْثَرَهُ لَهُ فَقُلْ لَهُ :يَا عَبْدَ اللَّهِ أَ تَأْذَنُ لِي فِي دُخُولِ مَالِكَ فَإِنْ أَذِنَ لَكَ فَلَا تَدْخُلْ دُخُولَ مُتَسَلِّطٍ عَلَيْهِ فِيهِ وَ لَا عَنِفٍ بِهِ فَاصْدَعِ الْمَالَ صَدْعَيْنِ ثُمَّ خَيِّرْهُ أَيَّ الصَّدْعَيْنِ شَاءَ فَأَيَّهُمَا اخْتَارَ فَلَا تَعْرِضْ لَهُ ثُمَّ اصْدَعِ الْبَاقِيَ صَدْعَيْنِ ثُمَّ خَيِّرْهُ فَأَيَّهُمَا اخْتَارَ فَلَا تَعْرِضْ لَهُ وَ لَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَبْقَى مَا فِيهِ وَفَاءٌ لِحَقِّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي مَالِهِ فَإِذَا بَقِيَ ذَلِكَ فَاقْبِضْ حَقَّ اللَّهِ مِنْهُ فَإِنِ اسْتَقَالَكَ فَأَقِلْهُ ثُمَّ اخْلِطْهُمَا وَ اصْنَعْ مِثْلَ الَّذِي صَنَعْتَ أَوَّلًا حَتَّى تَأْخُذَ حَقَّ اللَّهِ فِي مَالِهِ فَإِذَا قَبَضْتَهُ فَلَا تُوَكِّلْ بِهِ إِلَّا نَاصِحاً شَفِيقاً أَمِيناً حَفِيظاً غَيْرَ مُعْنِفٍ بِشَيْ‏ءٍ مِنْهَا ثُمَّ احْدُرْ مَا اجْتَمَعَ عِنْدَكَ مِنْ كُلِّ نَادٍ إِلَيْنَا نُصَيِّرْهُ حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِذَا انْحَدَرَ بِهَا رَسُولُكَ فَأَوْعِزْ إِلَيْهِ أَنْ لَا يَحُولَ بَيْنَ نَاقَةٍ وَبَيْنَ فَصِيلِهَا وَ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَ لَا يَصُرَّنَّ لَبَنَهَا فَيُضِرَّ ذَلِكَ بِفَصِيلِهَا وَ لَا يَجْهَدْ بِهَا رُكُوباً وَ لْيَعْدِلْ بَيْنَهُنَّ فِي ذَلِكَ وَ لْيُورِدْهُنَّ كُلَّ مَاءٍ يَمُرُّ بِهِ وَ لَا يَعْدِلْ بِهِنَّ عَنْ نَبْتِ الْأَرْضِ إِلَى جَوَادِّ الطُّرُقِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي فِيهَا تُرِيحُ وَ تَغْبِقُ وَ لْيَرْفُقْ بِهِنَّ جُهْدَهُ حَتَّى تَأْتِيَنَا بِإِذْنِ اللَّهِ صِحَاحاً سِمَاناً غَيْرَ مُتْعَبَاتٍ وَ لَا مُجْهَدَاتٍ فَنَقْسِمَهُنَّ بِإِذْنِ اللَّهِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ عَلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ لِأَجْرِكَ وَ أَقْرَبُ لِرُشْدِكَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهَا وَ إِلَيْكَ وَ إِلَى جُهْدِكَ وَ نَصِيحَتِكَ لِمَنْ بَعَثَكَ وَ بُعِثْتَ فِي حَاجَتِهِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى وَلِيٍّ لَهُ يَجْهَدُ نَفْسَهُ بِالطَّاعَةِ وَ النَّصِيحَةِ لِإِمَامِهِ إِلَّا كَانَ مَعَنَا فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى قَالَ ثُمَّ بَكَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ثُمَّ قَالَ يَا بُرَيْدُ وَ اللَّهِ مَا بَقِيَتْ لِلَّهِ حُرْمَةٌ إِلَّا انْتُهِكَتْ وَ لَا عُمِلَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ لَا سُنَّةِ نَبِيِّهِ فِي هَذَا الْعَالَمِ وَ لَا أُقِيمَ فِي هَذَا الْخَلْقِ حَدٌّ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام وَ لَا عُمِلَ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْحَقِّ إِلَى يَوْمِ النَّاسِ هَذَا ثُمَّ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَا تَذْهَبُ الْأَيَّامُ وَ اللَّيَالِي حَتَّى يُحْيِيَ اللَّهُ الْمَوْتَى وَ يُمِيتَ الْأَحْيَاءَ وَ يَرُدَّ الْحَقَّ إِلَى أَهْلِهِ وَ يُقِيمَ دِينَهُ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ وَ نَبِيِّهِ فَأَبْشِرُوا ثُمَّ أَبْشِرُوا فَوَ اللَّهِ مَا الْحَقُّ إِلَّا فِي أَيْدِيكُمْ.

الحديثُ الخامسُ عشر: زِيُّ الحِلْمِ الرِّفْـقُ
رَوَى المُحَدِّثُ الشَيْخُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ فِي الْأَمَالِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي غَالِبٍ الزُّرَارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ مِنْ زِيِّ الْإِيمَانِ الْفِقْهُ وَ مِنْ زِيِّ الْفِقْهِ الْحِلْمُ وَ مِنْ زِيِّ الْحِلْمِ الرِّفْقُ وَ مِنْ زِيِّ الرِّفْقِ اللِّينُ وَمِنْ زِيِّ اللِّينِ السُّهُولَةُ.

الحديثُ السادسُ عشر: إنّ اللهَ يُبْغِضُ مَنْ لا رِفْـقَ لَهُ
رَوَى المُحَدِّثُ الشَيْخُ النوريُّ عَنْ الجعفريات بْإِسْنَادِه عن عليٍّ علیه السلام قَالَ :قَالَ  رَسُولُ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْمُؤْمِنَ الضَّعِيفَ الَّذِي لا رِفْقَ بِهِ.

الحديثُ السابعُ عشر:  مَنْ رَفَـقَ رَفَـقَ اللهُ بهِ
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْفَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ علیه السلام قَالَ كَانَ آخِرُ مَا أَوْصَى بِهِ الْخَضِرُ مُوسَى علیه السلام  قَالَ لَا تُعَيِّرَنَّ أَحَداً بِذَنْبٍ وَ إِنَّ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَى اللَّهِ ثَلَاثَةٌ :الْقَصْدُ فِي الْجِدَةِ وَ الْعَفْوُ فِي الْمَقْدُرَةِ وَ الرِّفْقُ بِعِبَادِ اللَّهِ وَ مَا رَفَقَ أَحَدٌ بِأَحَدٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا رَفَقَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ اللَّهِ ( عَزَّ وَ جَلَّ).

الحديثُ الثامنُ عشر:  الرِّفْـقُ رَأْسُ الْحِكْمَةِ
رَوَى المُحَدِّثُ الشَيْخُ النوريُّ عَنْ عَوَالِي اللآلِي، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: الرِّفْقُ رَأْسُ الْحِكْمَةِ اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ شَيْئاً مِنْ أُمُورِ أُمَّتِي فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ وَ مَنْ شَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ.

الحديثُ التاسعُ عشر: إنّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْـقَ
رَوَى المُحَدِّثُ الحُرُّ العَامِليُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَمْرِو ابْنِ شَمِرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَ يُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى العُنْف.

الحديثُ العشرون: الرَّحْمَةُ بالرَّعِيَّةِ
رَوَى السيّدُ الرَضيُّ عَنْ الإمام أمير المؤمنين عَلِيٌّ علیه السلام فِي عَهْدِهِ لمَالِك بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ حِينَ وَلَّاهُ مِصْرَ ـ إلى أنْ قَالَ ـ وَ أَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَ الْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَ اللُّطْفَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَ لَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ وَ إِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ .

الحديثُ  الحادي والعشرون: الرِّفْقُ بِالْمَمَالِيكِ
رَوَى أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ عَنْ ابنِ عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ قَالَ : أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَقَدْ أَعْتَقَ مَمْلُوكًا قَالَ فَأَخَذَ مِنْ الْأَرْضِ عُودًا أَوْ شَيْئًا فَقَالَ مَا فِيهِ مِنْ الْأَجْرِ مَا يَسْوَى هَذَا إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ : مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ أَوْ ضَرَبَهُ فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ.

حصيلةُ استعراض الرّواياتِ الشريفة
ونستنتجُ ممّا قدّمناه ـ من الرّوايات والأحاديث الواردة في التسامح بين أبناء البشر واللّين والرّفق والصفح والعفو ونبذ العُنْف ـ الأسس القويمة التي ارتكز عليها الإسلام في بناء الشخصيّة الإسلاميّة المتماسكة في رفض العُنْف ومقابلته بروح واعية تتحرّك ببصيرة وثبات من موقع القاعدة الإيمانيّة السمحة. 
والملاحظ: تنوّع مواضيع الرّفق التي أمر الإسلام بها فلم يقتصر على وجوب الرّفق مع الإنسان سواء كان قريباً أم بعيدا أم كان مسلماً أم غير مسلمٍ ،وسواء كان حيّاً أم ميّتاً ،بل أمر بالرّفق حتّى مع الحيوان ، وهذا يعطي تأصّل منهجيّة الرّفق في مطلق التعامل مع الآخرين في الإسلام .   

المصدر:کتاب السلم و اللاعنف في الاسلام و امتدادهما في النهضة الحسینیة تألیف سماحة السید قاسم الجلالي


  • المصدر : http://www.surrey-ic.org/subject.php?id=7
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 03 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 05 / 4