• الموقع : مركز اهل البيت في لندن - سري .
        • القسم الرئيسي : بحوث علمية .
              • القسم الفرعي : البحوث القرآنية .
                    • الموضوع : موقفُ الإسلام من العُنْف في القرآن الکریم .

موقفُ الإسلام من العُنْف في القرآن الکریم

جاءَ الإسلام بتعاليم سماويّة خالدة أحدثت رقيّاً واسعاً في المجتمعات البشريّة، وقد كان لها دورٌ كبيرٌ في تفوّق المسلمين وتقدّمهم، فبنى اُسس دعوته السماويّة على مبدأ ( السلم، ونبذ العُنْف ) معتبراً استخدام القوّة آخر الحلول المطروحة للوقوف بوجه العُنْف. ومصادر التشريع الإسلاميّ وتأريخه يزخران بشواهد واضحة تدلّ على منع الإسلام من العُنْف بجميع أشكاله. 

القرآن الكريم: يؤسّس للرّفق ويجفّف منابع العُنْف  
أكّدَ القرآنُ الكريم ـ باعتباره المصدر الأوّل للتشريع ـ  وجوب تجنّب العُنْف بمختلف أشكاله  وصوره  على مختلف الأصعدة،  وقد جاء هذا التأكيد القرآنيّ إمّا  مباشرةً  حيث نهى صريحاً عن ممارسة العُنْف، أو بالتبع حيث أمر بالرّفق واللين والسلم ونحوها ممّا يودّى بالتالي إلى ترك العُنْف  .
من هنا يمكن أنّ نلمس السلم والتسامح ونبذ العُنْف  في الجانب التشريعيّ للإسلام  وذلك من خلال الآيات القرآنيّة الكريمة الواردة في تأكيد هذه الحقيقة.
 وتنقسم الآيات القرآنيّة المعزّزة للسلم والنابذة للعنف إلى أقسام عدّة، ولنذكر بعضها :

القسم الأوّل: الحثّ على السلم والصلح 
قوله تعالى: {يا ايّها الذين امنوا ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }.
قوله تعالى: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً }.
قوله تعالى: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }.


القسم الثاني: الحثّ على العفو  والصفحُ 
قوله تعالى: {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
قوله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ }.
قوله تعالى: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }.
قوله تعالى: { فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

القسم الثالث: الحثُّ على الإِصْلاَح 
قوله تعالى: {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
 قوله تعالى: { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا }.
قوله تعالى: { لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.

القسم الرّابع : النهيُ عَن عُنْفِ التخاطب
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }.
قوله تعالى: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ}.
قوله تعالى: {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا}.

القسم الخامس: النهيُ عن عُنْفِ التفكير و سوء الظنِّ 
قوله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ}.
قوله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}.
قوله تعالى: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ}.

القسم السادس: النهيُ عَن عُنْف الاجبار على المعتقد
قوله تعالى: { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ }.
قوله تعالى: { فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} .
قوله تعالى: { أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ}.

القسم السابع: النهي عن عنف الحوار والدعوة للحقّ
قوله تعالى: { ادْع إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}.
وقوله تعالى: { اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى  فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}.

القسم الثامن : إحترام الأديان الاُخرى
قوله تعالى: { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }.
قوله تعالى: { وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ }.

القسم التاسع : إحترام الإنسان
قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}.
وقوله تعالى: {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}.

نتيجة الآيات القرآنيّة الناهية عن العنف بأشكاله
إنّ هذه الطائفة من الآيات الشريفة وغيرها من الآيات القرآنيّة التي كثرت النداءات الإلهيّة فيها بمطالبة الإنسان الاتّجاه في قواه وحركاته وسكناته نحو هذا السبيل المؤسّس للتسامح والتعايش السلميّ والعتدال والوسطيّة وترك العُنْف والتطرّف والكراهية في مختلف المجالات بين جميع أفراد المجتمع البشريّ لهو أبرز دليلٍ على نبذ الإسلام للعُنْف بمختلف أشكاله وصوره ليوفّر للإنسان حياةً صالحةً كريمةً يعمّها الأمن ويوسدها السلام والؤام والتآخي.

آيات الجهاد في القرآن الكريم

إنّ الآيات القرانيّة الكريمة الواردة في الجهاد يمكن تقسيمها إلى طائفتين: 

 
الطائفة الأولى: الآيات المطلقة
وهي الآيات الناصة على وجوب الجهاد بدون قيد أو شرط .
كقوله تعالى : {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }

الطائفة الثانية: الآيات المقيدة
 وهي الآيات الناصة على وجوب الجهاد بشرط تعرض المسلمين الى العدوان وا دفاعا عن المطلومين   {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ}
و كقوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ القَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا}. 

ولابدّ من حمل الآيات المطلقة على الآيات المقيدة تحكيماً لقاعدة ارجاع المطلق ألى المقيد.

 وعلى ذلك فالآيات الكريمة المحرّضة على الجهاد مطلقاً بأجمعها واردة في مواطن دفع العدوان وصدّه، وعدم إمهال المعتدين في تنفيذ مخطّطهم العدوانيّ ضدّ الفئة المؤمنة، فالجهاد لم يكن غاية في منهاج الإسلام وإنّما هو وسيلة وسبيل لتحقيق السلم والأمن والإستقرار بين أفراد البشريّة جمعاء. 

المصدر:کتاب السلم و اللاعنف في الاسلام و امتدادهما في النهضة الحسینیة تألیف سماحة السید قاسم الجلالي


  • المصدر : http://www.surrey-ic.org/subject.php?id=6
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 03 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 05 / 4