• الموقع : مركز اهل البيت في لندن - سري .
        • القسم الرئيسي : بحوث علمية .
              • القسم الفرعي : البحوث التاریخیة .
                    • الموضوع : واقعةُ كربلاء لم ْتكن بضغطٍ من بني عقيلٍ .

واقعةُ كربلاء لم ْتكن بضغطٍ من بني عقيلٍ

أشاعتْ الأقلامُ المنحرفة عن أهل البيت أنّ الإمام الحسين علیه السلام لمّا بلغه خبراستشهاد مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه) وتأكّد من صحّته عزمَ على الرجوع إلى المدينة إلّا أنّ إخوة مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه) وأبناءَهُ منعوا الإمام علیه السلام من الرجوع وعزموا عليه أنّ يأخذ بثأر مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه). 

و قد استدلّوا على ذلك بما رواه الطبريّ عن زكرياء بن يحيّى الضرير، عن أحمد بن جناب المصيّصيّ، عن خالد بن يزيد بن عبد الله القسريّ، عن عمّار الدهنيّ قال قلت لأبي جعفر: حدّثني عن مقتل الحسين حتّى كأنّي حضرته ـ إلى أنْ قال ـ : فأقبل حسين بن عليّ بكتاب مسلم بن عقيل حتّى إذا كان بينه وبين القادسيّة ثلاثة أميالٍ لقيه الحرّ بن يزيد التميميّ فقال له: أينَ تريد؟ قال: أريد هذا المصر، قال له: إرجعْ فإنّي لمْ أدع لكَ خلفي خيراً أرجوه، فَهَمَّ أنْ يرجعَ وكانَ معه إخوةُ مسلم بن عقيل، فقالوا: والله لا نَرجع حتّى نُصِيب بثأرنا أوْ نُقتل، فقال: لا خيرَ في الحياةِ بعدَكم فسارَ.
والجواب: 

أوّلاً: إنّ الرواية ضعيفة السند إذْ فيها خالد بن يزيد بن عبد الله القسريّ. 
قال عنه الذهبيّ: كان صاحب حديث ومعرفة وليس بالمتقن، ينفرد بالمناكير.
وقال أبو جعفر العقيليّ: لا يتابع على حديثه.
 وقال أبو حاتم الرازيّ: ليس بقويّ .
 وذكره ابن عديّ قائلاً: أحاديثه لا يُتابع عليها لا إسناداً ولا متناً.

ثانياً: لو سلّمنا بصحّة الرّواية فإنّ إخوةُ مسلم بن عقيل ـ حسب زعم الرّاوي ـ  قالوا: ( لا نرجع ) كما في جميع المصادر التي ذكرت الرواية، نعمْ تفرّدت رواية ابن كثير بصيغة (لا ترجع ) وهو خطأٌ واضحٌ، وظّفه بعض المغرضين واستغلّه لأهدافٍ منحرفة، فزعموا أنّه أمرٌ مِنْ أبناء مسلم بن عقيل للإمام الحسين علیه السلام فهم الذين أجبروه على الاستمرار في المسير إلى كربلاء. 

ثالثاً: لو أنّ الإمام الحسين علیه السلام كان مِنْ أولئك الذين تغلبهم العصبيّة البغيضة لانتقمَ لمقتل أخيه الإمام الحسن علیه السلام خصوصاً مع ما حدث بعد استشهاده مِنْ منع بني أميّة أنْ يُدفن الإمام الحسن علیه السلام عند قبر جدّه حيث ثارَ بنو هاشم جميعاً، لكنّ الإمام الحسين علیه السلام آثر الصبر والتريّث والحلم.

رابعاً: إنّ الذين صاحبوا الإمام من بني هاشم كانوا يجمعون على إمامته وعصمته وخلافته علیه السلام فكيف يُنتظر أنْ ينساق الإمام الحسينُ علیه السلام مع إخوة مسلم وهم أتباعه وتحت أمره ورأيه؟

خامساً: لقدْ عبّر الإمام علیه السلام عن هدفه المقدّس الذي هو ماضٍ في تحقيقه وقدْ أكّدَ مراراً أنّه سوف لا ينثني بالرّغم من جميع المحاولات لصرفه عن تحقيقِ هدفهِ، وقد باءت كلُّ تلكم المحاولات الهادفة لصرفه بالفشل الذريع، فهل يُعقل أنَّه علیه السلام يُغيّر رأيه لمجرّد رغبةِ إخوة مسلم؟! 

سادساً: عندما أذن الإمام الحسين علیه السلام لصحبه بالانصراف عنه، وجّه الخطاب إلى آل عقيل فقال علیه السلام: يا بني عقيل حسبكم من القتل بمسلم فاذهبوا أنتم فقد أذنت لكم.
قالوا: سبحانَ الله فما يقول الناس؟ يقولون: إنّا تركنا شيخنا وسيّدَنا وَبني عمومتنا خيرَ الأعمام ِ، ولمْ نرم ِمعهم بسهمٍ، ولمْ نطعن معهم برمحٍ، ولمْ نضرب معهم بسيفٍ، ولا ندري ما صنعوا، ﻻ والله ما نفعلُ ذلكَ، ولكنْ نفديكَ بأنفسنا وأموالنا وأهلينا ونقاتلُ معك حتّى نردَ موردكَ، فقبّحَ اللهُ العيشَ بعدَكَ.
إنّ جوابهم هذا يُعرب عن منتهى الفداء والتّضحية، وغاية الإكبار والإجلال الذي يكنّه بنو عقيل لإمامهم الحسين علیه السلام ممّا لا يُعقل معه أنْ يخالفوه في قولٍ أوْ فعلٍ.
إنّ هذه الملاحظات الستّة على رواية الطبريّ تدعو إلى الإذعان بسقوطها من الاعتبار سنداً ودلالةً بحسب العقل والنقل وموازين علم الرّجال.

المصدر:کتاب السلم و اللاعنف في الاسلام و امتدادهما في النهضة الحسینیة تألیف سماحة السید قاسم الجلالي 


  • المصدر : http://www.surrey-ic.org/subject.php?id=33
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 03 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 05 / 4