إنّه هل يُعتبر إحراز الضرر، أو يكفي احتماله ولو بصدق الخوف؟
فالظاهر هو الأوّل; لأنّه كسائر الأدلة يحتاج الى إحراز موضوعها في تطبيقها على صغرياتها، أو كسائر المسببات لا يُحكم بها إلاّ بعد إحراز أسبابها وموجباتها.
ولمّا كان من الموضوعات فـلا يكفي فيه وراء العلم إلاّ البيّنة كما استفدناه من ذيل خبر مَسْعَدَة: (حتى تقوم به البيّنة).
هذا على المشهور من استفادة رفع الحكم فقط من لا ضرر.
وأمّا على القول باستفاده الحرمة فهو ـ أيضاً ـ كذلك، إلاّ بالنسبة الى ضرر النفس فإنّ في غيرها ـ من أدلّة حرمة إضرار النفس ـ دلالة على كفاية مجرد الخوف حيث تُعلّل حرمة الوضوء على من في عينه الرَمد وكذلك حرمة الصوم في بعض الموارد، وأمثال ذلك بمجرد معرضِيّة الضرر وخوفه.
فيُعلم منه وجوب الإحتياط في الضرر النفسي بمجرد الإحتمال، لا لأنّ لخوف الضرر موضوعيّة كما قد يُدّعى ذلك، وسبق تفصيله في بحث التجري.
فالحاصل : أنّ المستفاد من سائر أدلّة حرمة إضرار النفس منجّزيّة إحتماله; لأهميّة النفس.
وأمّا سائر أقسام الضرر : فعلى فرض ثبوت حرمته من لا ضرر، أو من غيره، لا وجه للإكتفاء بمجرده; بل هو كسائر الأحكام لا يتمسك به الاّ فيما اُحرز موضوعه، وفي المشتبه تمسك العام أو المطلق في الشبهة المصداقيّة الذي منعه واضح.
المصدر: کتاب قاعدة لاضرر و لا ضرار
تقرير أبحاث المُحقّق الاُصُوليّ الكَبيرآية اللّه العُظمى الشيخ ضياء الدين العراقيّ(قدس سره)(1278ـ1361هـ ق)
تأليف الفقيه المحقّق آية اللّه السيّد مرتضى الموسويّ الخلخاليّ (1324 ـ اعتقل 1412هـ .ق)
تحقيق وتعليق سماحة العلامة السيد قاسم الحُسينيّ الجلالي
|